العشائر على خطّ النار بوادر حرب أهلية مفتوحة سوريا الأخبار السبت 19 تموز 2025 مقاتلون عشائريون يعبرون قرية الدور في ال
العشائر على خطّ النار: بوادر حرب أهلية مفتوحة
سوريا
الأخبار
السبت 19 تموز 2025
مقاتلون عشائريون يعبرون قرية الدور في السويداء على جرار زراعي (أ ف ب)
ولّد تدخُّل مقاتلين من العشائر العربية في معركة السويداء، بعد ساعات من انسحاب القوات الحكومية من المحافظة، مخاوف كبرى من انجرار الأمور إلى اقتتال أهلي مفتوح، إذ وبعد انسحاب القوات التابعة لوزارتَي الدفاع والداخلية، نتيجة ضغوط إسرائيلية، رافقها عدوان جوّي مكثّف على محافظتَي السويداء ودرعا ودمشق، وصل إلى قصر تشرين الرئاسي ومبنى هيئة الأركان التابعة لوزارة الدفاع، أعلنت العشائر هجوماً على السويداء، نصرةً لعشائر عربية تقطن في عدد من أحياء المدينة وأريافها.
وجاء الهجوم على شكل فزعات عشائرية من عدد من المحافظات السورية ذات الطابع العشائري، لِما قالوا إنه «نجدة لأبناء العشائر في السويداء» المتحدّرين في معظمهم من قبيلتَي «النعيم» و»العكيدات» العربيتَين، بعد معلومات عن انتهاكات ارتُكبت في حقّهم من قِبَل فصائل محلّية درزية.
وكانت انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عدّة مقاطع مصوّرة تُظهر اعتداءات فصائل درزية على أحياء وقرى عشائرية في المحافظة. وعلى إثر ذلك، وما أعقبه من هجمات عشائرية على قرى في ريف السويداء الغربي، ذهبت بعض التحليلات إلى القول إن هذه الهجمات تمّت بتخطيط حكومي، بهدف تكرار التجربة الأولى، والضغط على فعاليات السويداء، للمطالبة بدخول قوات الأمن الداخلي كقوات فضّ اشتباك، وبما يفتح المجال أمام نشر تلك القوات في عموم المحافظة. واتّهم «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجهات الحكومية بتحريض العشائر، مؤكداً أن مَن «يرتدون لباس العشائر في السويداء هم عناصر أمنيون، وبينهم قائد فرقة عسكرية»، في إشارة إلى أن معظم مَن يهاجمون مناطق في السويداء هم من عناصر وزارتَي الدفاع والداخلية بعد استبدال زيّهم.
وتباينت المواقف العشائرية من الاشتباكات الحاصلة في ريف السويداء، بين مَن أيّدها باعتبارها تأتي لرفع الظلم عن أبناء العشائر الذين تعرّضوا لانتهاكات وتهجير، وبين مَن اعتبر أن هذه هي مهمّة الدولة السورية لسدّ أبواب الفتنة، وعدم فتح المجال أمام مزيد من الشرخ الاجتماعي في البلاد.
اتّهم «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجهات الحكومية بتحريض العشائر
ونقلت قناة «الجزيرة» عن رئيس تجمّع عشائر الجنوب السوري، الشيخ راكان الخضير، قوله إن «الأوضاع الآن صعبة للغاية، في ظلّ وجود أكثر من 2000 من أبناء العشائر أسرى لدى الدروز»، وإن «ما تقوم به جماعات الهجري مؤسف جداً». وأشار إلى أن «هدف عمليّتنا هو تحرير أبنائنا الرهائن لدى جماعة الهجري»، متحدّثاً عن «توثيق قطع رؤوس أطفال واغتصاب نساء في السويداء».
وأضاف الخضير أنه «عندما خرجت قوات الحكومة، أصبحت جماعة الهجري تقتل وتنكّل بأبنائنا»، موجّهاً العتب إلى الحكومة السورية، «لتركها العشائر في السويداء محاصرة». وطالب «الدول العربية والأمّة الإسلامية بوقف آلة القتل بحقّ أبنائنا»، معتبراً أن «ضبط العشائر يكون بتحرير الرهائن وعودة العشائر إلى قراها»، فيما دعا إلى «إخراج جميع المحتجزين والدروع البشرية وإعادة أبناء العشائر إلى ديارهم»، مناشداً هؤلاء «عدم الإقدام على أيّ انتهاكات بحقّ أبناء السويداء».
في المقابل، دعا بيان منسوب إلى شيخ مشايخ قبيلة «البكارة»، نواف البشير، عشائر الجنوب، إلى «الانسحاب العاجل من محافظة السويداء، انسحاباً تامّاً وفوريّاً، من دون أيّ احتكاك أو مواجهة، حفظاً للدماء ودرءاً للفتنة»، مؤكداً «الاحترام الكامل لأهلنا في محافظة السويداء»، وداعياً إلى «التهدئة والحفاظ على السلم الأهلي». كما أكّد أن «هذا القرار ملزم لجميع أبناء العشائر، وأيّ مخالفة تُعتبر خروجاً عن إرادة العشائر الجامعة ومسارها الوطني»، مضيفاً: «نهيب بجميع السوريين، من مختلف الأطياف، تغليب صوت الحكمة والعقل، والعودة إلى طاولة الحوار، فالوطن يتّسع للجميع، ولا منتصر في الفتنة».
من جهته، أكّد مصدر عشائري أن «ما حصل من انتهاكات بحقّ عشائر البدو، أمر مستفزّ، ولكن لا يمكن معالجته عبر إطلاق العشائر للسيطرة على السويداء»، معتبراً أن «كل دعوات القتال والهجوم والحرب لا تخدم إلّا أعداء الخارج الذين يتربّصون بسوريا، ويهدفون إلى وضع سيناريوات للتقسيم». واستغرب المصدر، في تصريح إلى «الأخبار»، «طريقة تعاطي الحكومة مع التطوّرات الخطيرة للأحداث، والتغاضي عن الهجمات المنظّمة على السويداء»، مطالباً «إياها بضرورة التدخّل والوقوف كحاجز بين العشائر والسويداء لدرء الفتنة».
ودعا المصدر إلى «تحقيق شفّاف وعادل ومحاسبة كل المجرمين من الطرفين، والذين ارتكبوا انتهاكات يندى لها الجبين»، مشيراً إلى أن «التعايش والتآخي بين مختلف المكوّنات السورية هما الحالة الطبيعية، وما نشهده من شحن طائفي وعشائري حالة شاذة». ورأى أن «على السلطات أن تشرك الجميع في الحوار وتمثّل كلّ أبناء الوطن في كل المحافل المحلية، والانفتاح على التعددية»، معتبراً أن «هذه الإجراءات من شأنها أن تخفّف من حالة الاحتقان، وتؤسّس لحوار وطني حقيقي، ينقذ البلاد من مخطّطات سوداء تحاك لها».
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها